الموت الرحيم - Euthanasia (القتل بدافع الشفقة) (Mercy Killing)

الموت الرحيم -  Euthanasia  (القتل بدافع الشفقة)  (Mercy Killing)

(ورقة عمل قانونية)

د. مريوان صابر حمد

كلية القانون والسياسة

جامعة صلاح الدين – أربيل

المقدمة

P        الموت الرحيم، القتل بدافع الشفقة، رصاصة الرحمة، كل تلك العبارات تدل على أمر واحد وهو: انهاء عذاب مريض استحال شفاؤه، وذلك بواسطة أساليب طبية غير مؤلمة.

P       يثير هذا الموضوع العديد من المسائل الشائكة والهامة جدا في حياة الانسان وفي حياة المجتمع ونظرة كل منهما اليه. تلك المسائل التي تنجم بسبب اختلاف زوايا النظر التي تنطوي على جوانب عدة منها الفلسفي والقانوني والاجتماعي والأخلاقي والطبي والديني.

P      يعرف شراح القانون الموت الرحيم على أنه:

     ”استجابة الطبيب المعالج لرغبة مريضه، بانهاء حياته نتيجة لمعاناة هذا المريض من الام مبرحة لا يمكن تحملها، والميؤوس من شفائها نهائيا وقطعيا“.

موقف التشريعات المقارنة حول الموت الرحيم

أثار الموت الرحيم جدلا كبيرا في أوساط الفقهاء القانونيين وانقسمت ارائهم بين مؤيدين ومعارضين، فمنهم من رفض رفضا تاما مناقشة المسألة حتى لو كان المريض على فراش الموت ينازع ويحتضر، فيما شجع البعض الاخر على اتخاذ مثل هذا القرار لكونه الحل الأنسب لوقف عذاب والام المريض وبالأخص الام ذويه.

        وتجسد هذا الاختلاف بين الفقهاء في تشريعات الدول المختلفة التي انقسمت بين قانون تجيز الموت الرحيم وتضع له ضوابط، وبين قانون تجرم هذا التصرف وتعده جريمة يعاقب عليها القانون أيا كانت الدوافع والأسباب والحيثيات. 

أولاً/ تشريعات تجيز الموت الرحيم:

Ø      هولندا:

        تعد هولندا الدولة الأولى التي اصدرت قانونا خاصا تجيز بموجبه الموت الرحيم واضعا له ضوابط معينة.

        وقد اعتمد القانون في 10/4/2001 من قبل مجلس الشيوخ الهولندي بعدما أقره مجلس النواب بأغلبية 104 أصوات مقابل 40 في سابقة عالمية.

        وينص القانون على أن بامكان الأطباء بعد اعتماد بعض التدابير اللجوء الى الموت الرحيم لبعض المرضى، كما ينص القانون على أن يبدي المريض المعني رغبة واضحة بأن تكون معاناته كبيرة لا تحتمل ولا شفاء لها.

Ø      بلجيكا:

        شرعت بلجيكا قانون الموت الرحيم في 16/5/2002، وصدق على القانون بـ86 لـ51 وعدم تصويت 10.

        القانون يسمح للطبيب بقتل مريضه المصاب بأمراض خطيرة وميؤوس من شفائها، اذا كان الشخص يعاني من (وجع غير محمول جسديا ونفسيا)، واذا طلب هذا المريض الموت.

        وتصدر وزارة الصحة العامة الفيدرالية في بلجيكا في نهاية كل عام أرقام المرضى الذين تم انهاء حياتهم بموجب هذا القانون، حيث تم تسجيل 203 حالات للقتل الرحيم خلال السنة الأولى من تطبيق القانون.

ثانياً/ تشريعات تجرم الموت الرحيم:

ان غالبية التشريعات وفي أكثر بلدان العالم تجرم الموت الرحيم، ولكنها تنقسم في تجريمها لهذا التصرف الى قسمين:

        1- دول لم تنظم حالة الموت الرحيم بنص خاص.

            ومثاله القانون الكويتي والبريطاني.

        2- دول عالجت حالة الموت الرحيم بنص خاص.

            ومثاله القانون الفرنسي واللبناني والسوري.

موقف المشرع العراقي:

لم ينظم المشرع العراقي حالة الموت الرحيم، اذ نلاحظ أن قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 يخلو من معالجة هذه الحالة بنص خاص.

        ومن خلال قراءتنا للمواد المخصصة لجريمة القتل، ندرك بأن حالة الموت الرحيم تندرج ضمن سياق المادة (405) من القانون المذكور التي تعاقب كل من قتل شخصا اخر عمدا بالسجن المؤبد أو المؤقت حسب الحالة.

        وندعو المشرع العراقي الى تنظيم هذه الحالة بادراجه لنص خاص تبين حكمه، ونقترح عليه بهذا الصدد أن يحذو حذو كل من قانون العقوبات السوري وقانون العقوبات اللبناني.