الأربعاء، 13 مارس 2013

حق الحصول على المعلومة في دساتير الدول

حق الحصول على المعلومة في دساتير الدول
(ورقة عمل قانونية)
د. مريوان صابر حمد
كلية القانون والسياسة
جامعة صلاح الدين - أربيل

المقدمة
  لقد كفلت العهود والمواثيق الدولية وفي مقدمتها الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 19 من الاعلان والعهد) حق المواطنين في الحصول على المعلومات (حق الاطلاع).
  وممارسة المواطن حقه في الوصول الى المعلومات تعزز العلاقة المتبادلة بين الدولة والمواطن، القائمة على الحقوق والواجبات، وتحديداً مسؤولية الدولة والادارة العامة تجاه المواطن.
المشاكل التي تواجه مجتمعنا اليوم لا يمكن معالجتها عن طريق مؤسسات الدولة فحسب، بل تدعو الحاجة الى تدخل المواطنين ومشاركة المجتمع و ومنظمات المجتمع المدني.  
ومشاركة المجتمع هي عملية إشراك المواطنين في صنع القرار، وفي الإشراف والسيطرة والمراقبة على أنشطة الحكومة، سواء كانوا أفرادا أو منظمين في مجموعات، لكي يكون لهم تأثير على عملية صنع القرار في كل مجال الحياة الإجتماعية.
وبفضل الآليات التي تضمن هذه المشاركة، يتمكن المجتمع من مراقبة أعمال المؤسسات العامة وفقاً للقوانين والأنظمة التي تنص على ذلك، بما في ذلك مراقبة إستعمال الموارد العامة لغرض التنمية الإجتماعية. 
أهمية حق الحصول على المعلومة
هناك أهمية كبيرة لحق المواطن في الحصول على المعلومات من المؤسسات الرسمية كونها تجعل الاداري يقوم بوظيفته في أجواء شفافة تكشف عن مواطن الخلل والتجاوز، وهي تحد منها في معظم الأحوال لمجرد الشعور بأن المواطنين على علم بما يقوم الاداري به، الأمر الذي يقلل من فرص الفساد وسوء استخدام السلطة.
 وهذا الحق مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمحاسبة التي هي الهدف المركزي لأي نظام ديمقراطي، واذا ما جرت أنشطة الحكومة وعملية صنع القرار بعيداً عن العين الفاحصة للجمهور، تسود السرية وامكانية حدوث تبديد للموارد مع اغلاق الباب أمام أية مراجعة لاحقة من خلال مؤسسات الدولة.
وبالتالي، فان الفائدة من إقرار هذا الحق هي تدعيم الحكم الديمقراطي الصالح القائم على أساس المحاسبة، ومكافحة الفساد بكافة أنواعها، ومعالجة أخطاء الحكومة من خلال تزويد المواطن ووسائل الإعلام بالمعلومات العامة المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وفتح الباب للمناقشة والحوار البناء في الأمور والقضايا المستجدة.
وحق الوصول إلى المعلومات له تأثير واضح على باقي الحقوق والحريات الأخرى ودوره في تفعيلها، وخاصة الحق في التعبير عن الرأي، وبالنتيجة مساهمته في خلق حكومة ديمقراطية عادلة منفتحة مسؤولة، وذلك بفرض التزام على عاتق الحكومة بتزويد المواطنين بالمعلومات العامة الصحيحة والدقيقة والمتعلقة بجوانب حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

الحق في الحصول على المعلومات في الدساتير والتشريعات الوطنية
إن الإقرار بحرية الوصول إلى المعلومات تنامى بشكل كبير، في أواخر القرن العشرين، فقد نصت دساتير بعض البلدان بصورة صريحة لا لبس فيها على الحق في الوصول إلى المعلومات من الجهات الحكومية. ومن أبرز الأمثلة: سويسرا، ألمانيا، جنوب افريقيا.
واكتفى البعض الآخر بالإشارة إلى حرية التعبير، وتفسير محاكمها بان الضمان العام لحرية التعبير عن الرأي هو أنها تجسيد لهذا الحق. مثل: اليابان.
وأصدرت عددا من الدول تشريعات خاصة بحرية الوصول إلى المعلومات لتفعيل النصوص الدستورية التي تغطي هذا الحق.
جمهورية جنوب أفريقيا (قانون تشجيع الحصول على المعلومات، 2000 )، وروسيا (قانون حرية المعلومات، الكشف عن المعلومات وحمايتها لسنة 1995)،  و المكسيك (الشفافية الفيدرالية وقانون حرية الحصول على المعلومات الحكومية 2002)، هونغ كونغ ( قانون حرية الحصول على المعلومات 1995)، اليابان (القانون الخاص بحرية الحصول على المعلومات الحكومية 1999)، الهند (قانون حرية الحصول على المعلومات 2002)، باكستان (قانون حرية الحصول على المعلومات 2002). جامايكا (قانون حرية الحصول على المعلومات 2002)، و ترينداد وتوباغو  ( قانون حرية الحصول على المعلومات 1999)، البوسنة والهرسك (قانون الحصول على المعلومات 2002)، وبيرو (قانون حرية الحصول على المعلومات 2002).

المبادىء الأساسية في التشريعات المتعلقة بحق الوصول الى المعلومات
أولاً/ القاعدة العامة هي الكشف المطلق عن المعلومات والمنع أو الحظر هو الاستثناء.
ثانياً/ وجوب النشر.
ثالثاً/ سهولة الحصول على المعلومات.
رابعاً/ معقولية تكاليف الحصول على المعلومات.
خامساً/ الاجتماعات العامة مفتوحة للجمهور.
سادساً/ التخلص من ثقافة السرية الرسمية.

موقف الدستور العراقي لعام 2005  ومشروع دستور اقليم كوردستان 2009
ازاء حق الحصول على المعلومة
فيما يتعلق بموقف الدستور العراقي لعام 2005، فقد جاء خالياً من نصٍ خاص يقرر حرية الحصول على المعلومات،فقد اكتفى الدستور العراقي بالنص على حرية التعبير عن الرأي (الفقرة الأولى من المادة 38).
ونرى بان هذا النقص قد يقلل من قيمة الحقوق التي وردت في باب الحقوق والحريات العامة ( المواد 14 46) وبالتالي فقدان الدستور لأحد المقومات الأساسية باعتبار هذا الحق أداة كبح والية لمكافحة الفساد وخلق حكومة منفتحة مسؤولة شفافة.
وقد سلك مشروع دستور إقليم كوردستان 2009، نفس مسلك الدستور الاتحادي في هذا المجال، وهذا نقص لابد من تلافيه في المستقبل، اخذين بنظر الاعتبار مسار الإقليم باتجاه مجال إرساء دعائم حقوق الإنسان والحكم الديمقراطي.
لذلك نجد من الضروري إضافة مادة إلى باب الحقوق والحريات في الدستور العراقي تضمن حق المواطن العراقي في الحصول على المعلومات العامة، وتفعيل هذه المادة عن طريق إصدار تشريع خاص لحرية الحصول على المعلومات.ونفس الشيء ينطبق على دستور اقليم كوردستان المزمع اصداره في المستقبل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق