الأحد، 14 يوليو 2013

مفهوم الفساد

مفهوم الفساد
        الفساد كمصطلح يعد أقدم حتى من ظهور البشرية([1])، وهذا ما نستشفه من قصة خلق سيدنا آدم (عليه السلام) التي ورد تفصيلها في سورة البقرة، حيث قال الله تعالى للملائكة: ((إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يُفسِدُ فيها ويسفك الدماء)) ([2])
   كما أن الفساد كظاهرة تُعَد من الظواهر القديمة التي عانت منها مختلف المجتمعات البشرية،  وهي ليست مرتبطة بزمان أو مكان معين وان جذور الفساد ممتدة في أعماق التأريخ وليست وليدة الوقت الحاضر، ففي كانون الأول عام 1997 أبلِغَ أن فريق علماء آثار هولندي وجد في (راكا) وهو موقع أثري في سوريا حوالي (150) كتابة مسمارية تبين أن الموقع إحتوى على مركز إداري للحضارة الآشورية ترجع الى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وجد في أرشيف خاص بجهة مسؤولة عن الأمن (ربما نظير لوزارة الداخلية في العصر الحديث)، بيانات عن الموظفين الذين كانوا يقبلون الرشاوى، وهذه البيانات تتضمن أسماء المسؤولين الكبار وإسم لأميرة آشورية ([3]).
   ويمثل الفساد ظاهرة مركبة متعددة الجوانب والأبعاد، اذ يشير البعض الى مجموعة من الأبعاد المتداخلة والمترابطة لظاهرة الفساد، وهي: البعد الأخلاقي ، البعد الإقتصادي، البعد السياسي ، البعد القانوني، البعد الإداري، البعد المحاسبي([4]). ويفضل البعض الآخر التمييز بين أنواع الفساد، ويقسمها على هذا الأساس الى: الفساد الأخلاقي، الفساد الإداري، الفساد القضائي، الفساد الإقتصادي، الفساد الثقافي، الفساد الإجتماعي، الفساد السياسي([5]).
  وظاهرة الفساد متعددة الأسباب([6]) والآثار، وهي تتجلى في أشكال شتى وممارسات متنوعة في مختلف السياقات.



([1]) د.عبدالحليم بن مشري، الفساد الإداري: مدخل مفاهيمي، مجلة الاجتهاد القضائي، العدد الخامس، مخبر أثر الاجتهاد القضائي على حركة التشريع، جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر، 2010، ص8.
([2]) الآية (30) من سورة البقرة.
([3]) ينظر: أمير فرج يوسف، مكافحة الفساد الإداري والوظيفي وعلاقته بالجريمة على المستوى المحلي والإقليمي والعربي والدولي في ظل إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة، المكتب الجامعي الحديث، القاهرة، 2010، ص59.
([4]) ينظر في ذلك: د.حسن أبو حمود، الفساد ومنعكساته الإقتصادية والإجتماعية، مجلة جامعة دمشق، المجلد الثامن عشر، العدد الأول، 2002، ص447.
([5]) يراجع في ذلك: د.محمد الأمين البشري، الفساد والجريمة المنظمة، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2007، ص51.
([6]) تتعدد أسباب إنتشار الفساد وتختلف من بلد لآخر، كما أن خطورة هذه الأسباب ودرجة تأثيرها في إشاعة الفساد تختلف من بيئة الى أخرى، غير أنه من المؤكد أن إنتشار الفساد يزداد عند توافر الظروف العامة التي تسمح له بالإنتشار، وقد قدم البعض بتقديم تصور عام عن أسباب الفساد وذلك بتصنيفها الى خمسة أصناف هي: الأسباب السياسية والأسباب الإقتصادية والأسباب الإجتماعية والأسباب الإدارية والأسباب القانونية، وهذه الأخيرة تتمثل في أن تراخي قانون العقوبات وهشاشته فضلاً عن عدم نزاهة الجهاز الوظيفي يولد الفساد الإداري. وبناء على هذا التصنيف يقترح هؤلاء نموذجاً بحيث يشمل النموذج وضع المعالجة المناسبة لكل سبب من الأسباب السابقة. ينظر في ذلك: فارس يونس شمس الدين و محمود محمدأمين عثمان، الفساد الإداري (التشخيص والتحليل والمعالجة بإستخدام نموذج مقترح)، بحث منشور في مجلة (زانكو)، مجلة العلوم الإنسانية تصدرها جامعة صلاح الدين/ أربيل، العدد (27)، 2006، ص319 وما بعدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق